خي عمره سنة وجلست أستهبل وألبسته لبس البنات، فما حكم ما فعلته؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصبيان يمنع إلباسهم ما يحرم على الرجال في المعتمد من مذهب الحنفية والحنابلة، ويكره عند المالكية على المعتمد، ويجوز على الأصح عند الشافعية، قال ابن قدامة في المغني: فصل: وهل يجوز لولي الصبي أن يلبسه الحرير؟ فيه وجهان، أشبههما بالصواب تحريمه، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: حرم لباس الحرير على ذكور أمتي, وأحل لإناثهم، وروى أبو داود بإسناده عن جابر, قال: كنا ننزعه عن الغلمان, ونتركه على الجواري، وقدم حذيفة من سفر وعلى صبيانه قمص من حرير, فمزقها على الصبيان, وتركها على الجواري أخرجه الأثرم، وروي أيضا عن عبد الرحمن بن يزيد قال: كنت رابع أربعة, أو خامس خمسة, مع عبد الله, فجاء ابن له صغير عليه قمص من حرير فدعاه فقال له: من كساك هذا؟ قال: أمي، فأخذه عبد الله فشقه، والوجه الآخر, ذكره أصحابنا, أنه يباح، لأنهم غير مكلفين، فلا يتعلق التحريم بلبسهم, كما لو ألبسه دابة, ولأنهم محل للزينة فأشبهوا النساء، والأول أصح، لظاهر الحديث, وفعل الصحابة، ويتعلق التحريم بتمكينهم من المحرمات كتمكينهم من شرب الخمر, وأكل الربا, وغيرهما, وكونهم محل الزينة ـ مع تحريم الاستمتاع بهم ـ يقتضي التحريم لا الإباحة, بخلاف النساء. اهـ.
وقال الزيلعي في تبيين الحقائق: وكره إلباس ذهب وحرير صبيا، لأن التحريم لما ثبت في حق الذكور وحرم اللبس حرم الإلباس أيضا كالخمر لما حرم شربها حرم سقيها الصبي, وكذا الميتة والدم. اهـ.
وقال الحموي في غمز عيون البصائر: ولا يجوز للولي إلباسه الحرير والذهب, ولا أن يسقيه الخمر, ولا أن يجلسه للبول والغائط مستقبلا أو مستدبرا, ولا أن يخضب يده أو رجله بالحناء. اهـ.
وقال الدردير المالكي: وأما الصغير فيكره لوليه إلباسه الذهب والحرير ويجوز له إلباسه الفضة، هذا هو المعتمد. اهـ.
وقال العراقي في طرح التثريب في شرحه لحديث: أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فروج حرير فلبسه ثم صلى فيه ثم نزعه نزعا عنيفا شديدا كالكاره له, ثم قال: لا ينبغي هذا للمتقين ـ قد يخرج بقوله للمتقين الصبيان فإنهم ليسوا أهل تكليف, وغير مأمورين بالتقوى, وقد قال أصحابنا يجوز إلباسهم الحرير والحلي في يوم العيد, وفي جواز إلباسهم ذلك في باقي السنة ثلاثة أوجه أصحها عند الرافعي في المحرر والنووي جوازه والثاني تحريمه، والثالث جوازه قبل سن التمييز, وهو سبع سنين, وتحريمه بعدها, وصححه الرافعي في شرحه ونقله عن العراقيين, وعن أحمد روايتان أصحهما التحريم مطلقا. اهـ.
وقال الرملي في نهاية المحتاج: والأصح أن للولي ـ الأب, أو غيره ـ إلباسه أي الحرير الصبي ولو مراهقا وتزيينه بالحلي ولو من ذهب وإن لم يكن يوم عيد, إذ ليس له شهامة تنافي خنوثة ذلك، ولأنه غير مكلف، ومقابل الأصح ليس للولي إلباسه في غير يومي العيد, بل يمنعه منه كغيره من المحرمات. اهـ.
قال الشبراملسي في الحاشية عليه: قوله: وأن للولي أي ممن له ولاية التأديب فيشمل الأم والأخ الكبير مثلا فيجوز لهما إلباسه الحرير فيما يظهر، قوله: إلباسه الصبي، فرع: اعتمد م ر أن ما جاز للمرأة جاز للصبي فيجوز إلباس كل منهما نعلا من ذهب حيث لا إسراف عادة. اهـ.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله فقيل له: عندما نشتري بعض الملابس للأولاد أو للبنات ويكبروا عنها فلا تعد تصلح لهم مع أنها صالحة للاستعمال، فهل يجوز أن نلبس البنت ملابس الولد أو العكس، نرجو الإفادة بهذا؟ فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز أن تلبس البنت ملابس الولد ولا الولد ملابس البنت، لأن هذا يتضمن تشبه الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه: لعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشهين من الرجال بالنساء، وقد نص أهل العلم ـ رحمهم الله ـ أنه يحرم إلباس الصبي ما يحرم على البالغ لبسه وعلى هذا، فإذا كان عند الإنسان فضل لباس لا يصلح لمن يلبسه فإن الأفضل أن يتصدق به إما على المحتاجين في بلده أو على المحتاجين في بلد آخر يرسله إليهم ولا يجوز في هذه الحال أن يتلفه مع إمكان الانتفاع به، لأن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى عن إضاعة المال، وإتلاف ما يصلح للاستعمال مع إمكان وجود من يستعمله إضاعة للمال. اهـ.
والله أعلم.